Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

السبت، 7 يناير 2012

الجنزوري وألغاز شرق التفريعة‏!



من الظلم أن يتحمل الدكتور كمال الجنزوري رئيس مجلس الوزراء‏,‏ المسئولية عن فشل مشروع شرق التفريعة‏,‏ باعتباره أحد المشروعات القومية الكبري التي انطلقت في عهده‏,‏ فالجنزوري قد ترك الوزارة بعد عام واحد فقط من البدء فيه,

وطوال هذه السنوات تكلف المشروع مبالغ طائلة في صورة مرافق: محطة كهرباء, ومياه, وصرف, وخط سكة حديد, كان من المخطط له أن يصل إلي منطقة بئر العبد في سيناء, ومبني لإرشاد السفن, وطرق مرصوفة, وبالرغم من كل هذه النفقات, لم يشهد المشروع سوي إنجاز واحد فقط هو شركة السويس لتداول الحاويات التي نجحت بسبب إدارتها بفكر استثماري عالمي, مع أنه كان من الممكن أن تكون هناك عدة مشروعات في حجم السويس لتداول الحاويات لو كانت النيات صادقة!
في الطريق إلي بورسعيد, كنا نبحث عن إجابة لأسباب تعثر المشروع, وعدم إنجازه بالكامل طوال هذه السنوات, وكنا نأمل أن نجد الإجابة لدي اللواء إبراهيم صديق رئيس هيئة موانئ بورسعيد, الذي اعتذر عن اللقاء بعد تحديد موعد معه, واكتفي بأن يترك لنا في مكتبه بعض المعلومات التي تتحدث فقط عن الجانب الإيجابي في المشروع, ولم يذكر لنا الأسباب الحقيقية لعدم إنجاز المشروع حتي الآن, ثم أحالنا إلي عبد القادر سلطان مدير المكتب الفني بالهيئة, والذي رفض الحديث إلينا عن سلبيات المشروع, وأسباب تعثره طوال هذه السنوات, لأنه ليس مخولا بذلك, وإنما هو مكلف فقط باصطحابنا إلي مقر المشروع!!

مشروع شرق التفريغة

تقول أوراق رئيس الهيئة- التي تركها لنا في مكتبه- إن خطة تطوير ميناء شرق بورسعيد قد بدأت عقب الانتهاء من المخطط العام للميناء, حيث تم البدء في وضع آليات التنفيذ لمشروعات المرحلة الأولي من المخطط العام, والتي تتضمن إنشاء ما يقرب من8 محطات مختلفة حتي عام..2015 علي أن يتم تنفيذ المخطط العام علي3 مراحل اعتبارا من عام2009 وحتي عام.2015
يضاف إلي ذلك مشروع إنشاء محطة الصب السائل, والتي تعاقدت عليها إحدي الشركات بمساحة500 ألف متر مربع, وقد تم الطرح والترسية, وسيتم لاحقا البدء في تنفيذ المشروع طبقا لشروط التعاقد, فضلا عن مشروع تموين السفن بالوقود( علي سماحة210 آلاف متر مربع) والخاص بإحدي الشركات, والذي توقف لحين استكمال تنفيذ مفاوضات الشركة مع وزارة النقل لإضافة نشاط التخزين إلي العقد وتؤكد أوراق رئيس الهيئة أن المشروعات المنتظر تنفيذها من المرحلة الأولي: إنشاء محطة حاويات رقم2 بطول رصيف1200 متر( في انتظار التوقيت المناسب للطرح), وإنشاء محطة متعددة الأغراض رقم1, ورصيف رورو بطول رصيف1330 مترا, ومحطة متعددة أغراض رقم2 بطول1210 أمتار, ومحطة رورو, ومحطة صب جاف, ومحطة صب زراعي, وساحة انتظار الشاحنات, والسيارات.
أما مشروعات المرحلتين الثانية والثالثة, فتشمل إنشاء محطات حاويات, ومحطات متعددة الأغراض, ومحطات صب جاف, ومحطات صب زراعي, ومحطات منتجات بترولية, ومحطات تموين سفن, وساحة إصلاح سفن, ومنطقة لوجيستية, وصناعات منطقة حرة, ومنطقة انتظار شاحنات, ولا يعني ميناء شرق بورسعيد تداول الحاويات الترانزيت فقط, ولكن تنفيذ أنشطة صناعية علي محتويات جزء كبير من هذه الحاويات, وتنفيذ أنشطة خدمية أهمها مراكز التوزيع اللوجيستية للعالم, وليس لمصر وحدها.
ولعلكم تتعجبون من أوراق الهيئة التي تقول إن المراحل الثلاث للمشروع ستبدأ فورا, وتنتهي في عام2030, أي بعد19 عاما من الآن, ومن المستهدف جذب استثمارات تقدر بنحو30 مليار جنيه, لاسيما أن الاستثمارات في الموانئ طويلة الأجل, وتحتاج إلي أموال ضخمة.. ولعلكم تتعجبون أكثر حين تعرفون أن هيئة موانئ بورسعيد تتباهي بأن ميناء شرق بورسعيد قد حقق تداول3.6 مليون حاوية, ومن المستهدف أن يزيد الرقم إلي5.2 مليون حاوية, باعتبار أن الميناء هو الأول علي مستوي موانئ أفريقيا, والثاني علي مستوي البحر المتوسط في تداول الحاويات.
تلك كانت المعلومات التي تركها لنا رئيس هيئة موانئ بورسعيد, لكن الكلام علي الورق شيء, والواقع شيء آخر.. المهم تركنا مقر الهيئة, وذهبنا إلي المشروع نفسه, لكي نرصد ما تم إنجازه علي ارض الواقع.. وهناك كانت المأساة بعينها.. فقد تم البدء في المشروع في عام1999, ثم تم وضع المخطط العام في عام2007, ومع أن المرافق مكتملة( من مياه, وصرف, وكهرباء, وخط سكه حديد, ومبني لإرشاد السفن بتكاليف تقدر بنحو20 مليون جنيه, ولم يدخل الخدمة حتي الآن, بالرغم من إنشائه في عام2007 تقريبا, أما الانجاز الوحيد علي أرض مشروع شرق التفريعة فهو شركة قناة السويس لتداول الحاويات, وهي واحدة من35 محطة تابعة لشركة(apm) وهي الشركة المالكة لشركة ميرسك, وتمتلك شركةapm نحو55% من أسهم الشركة, و20% لشركة كوسكو باسيفيك, و10.3% لهيئة قناة السويس والشركات التابعة لها, و5% للبنك الأهلي المصري, و9.7% للقطاع الخاص المصري, ويبلغ طول الرصيف2400 متر, ويعمل عليه18 ونش رصيف عملاق, وعدد من المعدات والأوناش الأخري, وتقدر الاستثمارات في المشروع بنحو مليار دولار تقريبا للمرحلتين الأولي والثانية, وسوف تئول ملكية المشروع للحكومة المصرية بعد23 عاما من الآن.
هذا هو المشروع الوحيد, والناجح, واليتيم, الذي تتباهي به الهيئة- مع أنها لم تنجز غيره طوال هذه السنوات, إما بسبب التعامل مع المشروع بعقلية موظفي المحليات, أو السمع والطاعة لوزراء النقل الذين تعاقبوا علي الوزارة طوال هذه السنوات, أو بسبب شماعة التمويل, مع أنه كان من الممكن طرح العديد من المشروعات في هذا المشروع الواعد ولو بنظامbot, فليس من المعقول أن تنفق الدولة هذه المبالغ الطائلة علي البنية الأساسية للمشروع, ثم يظل طوال هذه المدة دون إنجاز يذكر سوي شركة قناة السويس لتداول الحاويات.
التقييم العلمي للمشروع
ولا شك ــ والكلام للدكتور عبد النبي عبد المطلب الخبير الاقتصادي- أن الموقع الجغرافي للميناء في مدخل قناة السويس يعد من أهم مميزاته, بحيث يمكن إذا أحسن استغلاله أن يكون أهم مركز لوجيستي عالمي في مجال النقل, والتخزين, والتسويق, والتوزيع, ويمكن لهذا المشروع إذا صدقت النوايا- تحقيق خدمة مباشرة للمنطقة الصناعية والميناء المحوري لشرق تفريعة بورسعيد, والمساهمة بشكل فعال في تنمية العلاقات التجارية العربية, إلي جانب إمكانية زيادة إيرادات قناة السويس لتصبح75 مليار دولار, وقد تساهم المنطقة الصناعية جنوب الميناء والمقررة بمساحة87.5 كم2, إلي جانب المنطقة السياحية بمساحة5 كم2 والمنطقة الإدارية بمساحة5 كم2, والتي يمكن أن تساهم في توفير العديد من فرص العمل في المجالات الصناعية والسياحية وغيرها, ـ كما سوف يساهم المشروع في استصلاح منطقة زراعية تقترب من50 ألف فدان جيدة التربة وصالحة للزراعة مما قد يؤدي إلي زيادة الرقعة الزراعية في مصر.
كانت هذه هي الأفكار الاستراتيجية للمشروع, حين تم التفكير فيه عام1997, ثم تم تعديل المخططات العامة والتفصيلية وسياسة تخصيص الأراضي للمشروع أكثر من مرة طبقا لتوجهات النخبة الحاكمة, دون أن يتم حتي الآن الاستقرار علي فكر تخطيطي واضح أو خطط هيكلية معتمدة لهذه المنطقة, ولا شك أن هذا التخبط خلال كل هذه الفترة يجعلني أطالب بالتريث قبل المضي قدما في هذا المشروع خاصة مع تغير الأوضاع الاقتصادية والسياسية في مصر بعد ثورة25 يناير.
وعلي ذلك ــ والكلام للدكتور عبد النبي عبد المطلب- فإننا نري أن المخططات العامة الأولية لمشروع شرق بورسعيد تتطلب تعديلها جوهريا للعديد من الأسباب منها أنه تم توزيع الأراضي في هذه المناطق علي عدد محدود من رجال الأعمال, أثبتت التجربة أنهم لا يتمتعون بالقدرة أو الخبرة المطلوبة لتنمية المناطق الصناعية والتي تبلغ تكلفتها مليارات الدولارات., فضلا عن عدم وجود خطط لتسويق هذه المناطق من قبل الدولة أو الشركات الرئيسية العاملة في هذه المناطق, حيث اقتصر عملهم علي بيع أراض للمستثمرين فقط.. ولم يحدث اي تطور لتنمية هذه المناطق خلال السنوات الماضية.
** ويبقي السؤال: هل يفتح الدكتور كمال الجنزوري رئيس مجلس الوزراء ملف شرق التفريعة, ويأمر بإجراء تحقيق عاجل للوقوف علي أسباب تعثر المشروع, وما تم إنجازه طوال11 عاما منذ إنشائه؟

0 التعليقات:

إرسال تعليق